إنه من الخطأ إلى حدٍ ما أن تسعى وراء الربح، ما يجعل المال في أعلى قائمة أولوياتك، ما قد يساوي قيامك بخداع عملائك. وذلك لأنه مهما كان المشروع ناجحًا، فلن يستطيع أن يحافظ على نموه طوال الوقت، وهذا ما يعنيه كونك غير ساعٍ للربح.
الجانب المالي من أي شركة يتكون من جزأين : أموال داخلة، وأموال خارجة، الأموال الداخلة هي الواردات، والأموال الخارجة هي النفقات، فما الفرق بينهما؟ إنه الربح (أو الخسارة كذلك).
المكونين الأساسيين للمعادلة:
أولا" : كيف تخفض النفقات ؟
مفهوم النفقات : هي جميع الأموال التي تدفعها لتستمر في إدارة عملك، يمكنك أن تعدل مواعيد الدفع في هذه الأشياء للمواعيد التي تناسبك: يوميًًا، أسبوعيًا، سنويًا، أو حتى بالمشروع.
النفقات تتضمن أشياء مثل:
- مرتبات فريق العمل
- التأمين الصحي
- الإيجار
- أدوات
- تكاليف المعدات
- اللوازم المكتبية
- الأطعمة والأشربة والمسليات
- تكلفة الخدمات (استضافة موقع، خدمات على الإنترنت...إلخ).
فعلى سبيل المثال : شركة "Bearded" طلبت من المحاسب أن ينتج لها ميزانية شهرية باستخدام برنامج "Quicken" بناءً على متوسط النفقات الحقيقية خلال الستة أشهر الأخيرة، مصنفة من حيث الأنواع، وكان هذا مفيدًا لأقصى درجة حيث استطاعوا أن يعرفوا فعلا أين تذهب أموالهم، وبشكل غير مفاجئ فقد وجدوا أن أغلبها يذهب في دفع مرتبات فريق العمل وأرباحهم.
وبمجرد أن حصلوا على هذا الرقم أصبح من السهل عليهم استنتاج أي التغييرات ستكون ذات قيمة بالنسبة لهم، وكان أكثر الأرقام المستخدمة لديهم هو النفقات الأسبوعية، فمعرفة هذا الرقم بالذات مفيدٌ جدًا لمعرفة كم تكبدوا من نفقات كل أسبوع، وكم يحتاجوا من متوسط الربح في كل أسبوع حتى يتم الوصول إلى نقطة التعادل "break even".
كل ما هو قديم يمكن أن يكون ربحيا"
قد تستخدم في أعمالك استراتيجيات تسعير تعتمد على نظام الأجرة الموحدة، أو الربح بالساعة، أو بالأسبوع، أو بالشهر، أو حتى الربح حسب القيمة، لكن في نهاية اليوم تستطيع دائمًا أن تقسم إجمالي الربح على الوقت المستهلك للحصول عليه، حتى تصل لرقم يعبر عن معدل نمو المشروع مُمَثلاً بالوقت (سواء كان شهريًا، أسبوعيًا، بالساعة، أو بمدة المشروع ككل).
تذكر: حاصل طرح النفقات من الواردات يساوي الربح، وهذا هو الرقم الذي نحتاج لمعرفته والوقوف عنده لتحديد درجة أمان المشروع. للتعبير عن هذه الفكرة بشكل رياضي ستبدو هكذا:
(معدل الربح × الوقت المستهلك × عدد الموظفين) – (المرتبات + المصاريف) = الربح
وإليكم المثال التالي:
لنفترض أن هناك شركة تتكون من عشرة موظفين، وتبلغ نفقاتها الأسبوعية 25000 دولار، هذا يعني أن كل موظف –في المتوسط- سيحتاج لأن يعمل بما يدر علينا ربحًا قيمته 2500 دولار في الأسبوع حتى نصل إلى نقطة التعادل. إذا كان معدل الساعة هنا هو 100 دولار في الساعة، فهذا معناه أن على كل موظف أن يعمل لمدة 25 ساعة في الأسبوع فقط لنحافظ على الشركة قائمة، وإذا عمل كل موظف مدة 30 ساعة في الأسبوع فستصبح واردات الشركة تساوي 30000 دولار –بنسبة ربح 20% زيادة عن معدل النفقات، بمعنى آخر فإننا نحتاج خمسة أسابيع عمل فعالة لنستطيع توفير أرباح أسبوع كامل من مصاريفنا في البنك.
هذا ليس أفضل شيء في العالم، كم هو عدد الساعات الفعالة التي يستطيع أن يشغلها الموظف فعلاً؟ هل هو 30؟ أو ربما 36؟ وهل من الممكن أن يقوم عشرة موظفين بالعمل بفعالية لهذا العدد من الساعات كل أسبوع؟ في النهاية، فهناك العديد من الساعات التي تُقضى في أعمال غير فعالة خلال الأسبوع حتى يستمر العمل في الشركة قائمًا. ليس هذا فقط، بل سيكون هناك أيضًا فترات من الخمول في دورة العمل بين كل مشرع وآخر، هذا غير الأجازات. لن نستطيع العمل بالطاقة الكاملة كل أسبوع طوال العام، ويبدو أن السيناريو هذا سيصل بنا لنقطة التعادل فقط إذا كنا محظوظين.
إذًا ماذا نستطيع أن نفعل لنحصل على شيء من التوازن المستمر؟ سنجعل الموظفين يعملون لساعات أطول خلال الأسبوع، وعندما يعمل كل موظف لمدة 60 ساعة أسبوعيًا سيتم حل المشكلة، لكن إلى أي وقت يستطيع أي كائن بشري تحمل هذا النظام؟
نستطيع تخفيض نفقاتنا بالتقليل من المصاريف، لكن مع ملاحظة أن معظم مصاريفنا تكون عبارة عن مرتبات، فيبدو أن هذا الحل لن يكون له تأثير كبير، وحتى تصبح قادرًا على الربح فعلاً، فإن الشركة ستحتاج أن يزيد حجم الربح الداخل للشركة بالمقارنة بالجهد المبذول من الموظفين كل ساعة، وهذا معناه زيادة المعدلات، فلنر مثالاً آخر:
الشركة المكونة من عشرة موظفين لا زالت تتكلف 25000 دولار أسبوعيًا في مصاريفها، ونقطة التعادل لازالت تعني 2500 من الدولارات من كل موظف في الأسبوع، والآن لنقم بتحديد معدل الربح بـ 150 دولارًا في الساعة، وهذا معناه أنه يتطلب من كل موظف أن يعمل لمدة 17 ساعة فعالة في الأسبوع حتى نصل في الشركة لنقطة التعادل. وإذا عمل كل موظف لمدة 30 ساعة فعالة أسبوعيًا، فسيدر ذلك للشركة 45000 دولار –أو ما يساوي 20000 دولار كربحٍ صافٍ- وهذا يساوي توفيرًا بنسبة 80% من معدل النفقات.
يبدو أن هذا السيناريو أكثر فعالية وأمانًا على الشركة، فإن أسبوعًا واحدًا من العمل الفعال الآن يستطيع أن يغطي نفقاته كاملة، ويؤدي أيضًا لتوفير 80% من نفقات الأسبوع الذي يليه، وبمعدلات كهذه نستطيع –كدبٍ جائع يستعد للبيات الشتوي- أن نوفر المزيد من المال لنحمي أنفسنا من أوقاتٍ أقل نجاحًا وازدهارًا في المستقبل.
نستطيع أن نقول مجازًا، أنه بمجرد أن نعرف طريقة عمل هذه المتغيرات مع بعضها البعض، نستطيع أن نثبت أحدهم ونلاحظ التغير في النتائج، بمعنى آخر، لن ينبغي علينا فقط أن نرى تأثير معدل الربح بالساعة على إجمالي الربح العام، بل نستطيع أن نعكس المعادلة ونغير فيها بشكلٍ يضاعف من الربح.
العمل من أجل الحياة، أم الحياة من أجل العمل؟
هناك طريقة واحدة لتضع نظامًا مناسبًا للعمل بالشركة، وهي أن تبدأ بوضع المرتبات المناسبة والعدد المناسب من ساعات العمل بما يتماشى مع الثقافة السائدة في مجتمعك، ومن ثم عد للتفكير في معدلات الإنتاج بالساعة، وبعد ذلك تستطيع أن تفكر في أنظمة التسعير وهذا ما سيمكنك من تحقيق معدلات ربح فعالة.
قد يكون الوقت هو أهم عامل بالنسبة لك، كم عدد الساعات التي يستطيع أن يعمل بها الموظفون؟ كم من الوقت يرغب الموظفون في العمل؟ كم ينبغي عليك أن تدفع لهم مقابل هذه الساعات حتى تصل لمرتبات أنت راضٍ عنها؟
هذا النوع من الأسئلة يعتمد على طبيعة الحياة في محيطك، ففي شركة "Bearded" اجتمعوا لمدة ليست طويلة وقاموا بتمرين مستوحى من تمرينات "IA exercise" وشارك كل منهم برأيه في القيم التي نعتبرها مهمة للشركة، قيم مثل "حياة ذات جودة عالية"، "عمل ذو جودة عالية"، "الربحية"، "المرونة"، "العملاء المميزون"، "الكفاءة"، و"التعاون". ثم قاموا بترتيبهم حسب الأهمية، ثم قرروا أنهم سيتركون هذه الأولويات تقوم بتوجيههم خلال السنة القادمة حتى يصلوا للنقطة التي نعيد التقييم فيها.
وقد ساعدهم هذا التمرين كثيرًا في صنع قرارات مهمة مثل أن يعرفو كم من المال ينبغي أن يدفعون للموظفين، كم من الساعات الأسبوعية ينبغي عليهم أن يعملوا، ، بالرغم من أن الأمور المالية تبدو كرياضيات بحتة، فإن هذا التمرين المبني على الكيف وليس الكم مكنهم في النهاية من أن يعرفوا بالتحديد كيف يضعوا الأرقام في معادلة الربح.
التسعير:
إن فهم أساسيات حساب النفقات، العائدات، والأرباح هو أمر مهم يعطيك إدراكًا لطبيعة سريان العمل في شركتك، ويمكنك من التخطيط للمستقبل على علم، ويمكنك من تحديد أهداف نمو واستقرار الشركة.
لكن بمجرد أن تعرف ما ينبغي عليك أن تدفعه، يأتي سؤال آخر: كيف ستدفع هذا المال؟
هناك استراتيجيات مختلفة للتسعير (التسعير بناء على وقت الإنتاج، أو وقت التسليم، أو إجمالي وقت المشروع، أو بناء على القيمة المقدمة، أو خليط من كل ذلك).
وكل منهم لديه إيجابياته وسلبياته المحتملة بالنسبة للربح، وهم أيضًا يخلقون محفزات مختلفة للعملاء والموزعين، مما يؤثر بشكل كبير على طبيعة العمل لديك، والتعاملات اليومية في الشركة، ومخرجات المشروع في النهاية.
لا يوجد تعليقات
أضف تعليق